قصة اصحاب الرس من اكثر قصص القرآن الكريم غموضا وقد كثرت فيها الرويات ولكن كانت كباقي الامم اشروكوا بالله ونكروا نعمه فارسل الله اليهم الانبياء فنكروا بها. وسمي اصحاب الرس بهذا الاسم لانهم رسو نبيهم في البئر. لكن يبقي السؤال من هم أصحاب الرس؟ وكيف عذبهم الله؟ وكيف فتنهم الشيطان وعبدوه؟
من هم أصحاب الرس
قال الله تعالى في سورة الفرقان: { وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً * وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا} وقال تعالى في سورة ق: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَ وَعِيدِ} في قصة يقول بن جرير ان أصحاب الرس هم أصحاب الاخدود المذكورين في القرآن وهذا الإطار، والذي سبقه، يظهر هلاك وتدمير أصحاب وهو لم يحدث مع أصحاب الاخدود. هذا يرد زعم ابن جرير، بأنهم أصحاب الأخدود, كما أن أصحاب الاخدود عند جمهور العلماء كانوا بعد المسيح. وتقول الروايات انهم قوم كان يعبدون شجرة صنوبر فتنهم بها الشيطان فلا يوجد قول ثابت. وهذه القصة فيما ذكره بن كثير وبن اسحاق وبعض مؤرخو المسلمين ويقال انه كان لديهم عيون ماء كثيره وحياة رغيدة. قال ابن عباس: الرس بئر بأذربيجان. في حديث عكرمة: "قال الرس بئر، لنبيهم، حيث دفنوه فيها". قال ابن جريج عن عكرمة قال: والرس بلفج، هم أصحاب ياسين. وقيل أن فلج احدي قري اليمامة. وإذا كانوا هم أصحاب ياسين، كما قال عكرمه، فقد هلكوا عمومًا. كما اخبرنا الحق في قصصهم قال تعالى {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} (سورة يس: 29) القول في انهم هلكوا جميعا وينافي قول بن جرير.
متي حدثت قصة اصحاب الرس
قصة أصحاب الرس كما قال ابن عباس: اصحاب الرس من قرى ثمود. وروى ابن عساكر في تاريخه الأول، عند ذكره بناء دمشق: كان أصحاب الرس حاضرين وأرسل الله لهم حنظلة بن صفوان نبيًا، فكذبوه وقُتل. خرج عاد بن عوص بن سام بن نوح ومعه اولاده من الرس واستقر في الاحقاف, انزل الله العذاب علي أصحاب الرس, بعد استقرار عاد في الاحقاف انتشر بنوه في اليمن ونزل جرون بن سعد بن عاد الي مدينة دمشق وشيدها وبني فيها واطلق عليها اسمه جيرون ويقال انها هي إرم ذات العماد الوارد ذكرها في القران الكريم. ويذكر ان الاعمدة الحجرية تكثر في دمشق، أرسل الله هود بن عبد الله بن رباح خالد بن عاد الي ابناء عاد بالاحقاف، فكذب وارسل الله تعالى عليهم العذاب الاليم، دمرهم الله سبحانه وتعالى وهذا يقضي بأن اصحاب الرَّسِّ كان مجيئهم قبل قوم عاد بدهور عديدة والله اعلم.
قصة عبادتهم شجرة الصنوبر
قال أبو بكر محمد: ان أصحاب الرس كانت لديهم بئر يشربون منها وأن المنطقة بأكملها كانت تنعم بذلك الماء الذي هيأ لهم سبل العيش الرغيد والحياة المترفه. كان لديها ملك صالح عادل حسن السيرة فلما توفي شعروا بفقدانه. وبعد بضعة أيام جائهم الشيطان في صورة ملكهم الصالح وقال لهم: لم أكن ميتًا، لكن اردت ان اعرف ماذا تصنعوا ان تغيبت عنكم. فرح الناس, وقال لهم ساحدثكم من وراء حجاب واني معكم واني لا اموت ابدا. الكثير منهم صدق ذلك وافتتنوا به وفي قصة اخري تقول بان الشيطان تمثل لهم في شجره صنوبر وفتنهم بها. كانت حول الشجره عين ماء محرمة علي الناس لانهم اعتبروها روح الهتهم. عبد اصحاب الرس الشجره وفي الامرين نجدهم فتنوا بمكر الشيطان وعبدوه من دون الله. أرسل الله لهم نبياَ, فقال لهم إن الشيطان يحدثهم من وراء الحجاب وأنه يجب أن يعبدوا الله وحده.
كيف هلك أصحاب الرَّسِّ
بعد أن فتن الشيطان أصحاب الرس واضلهم عن الصراط المستقيم وعبدوا غير الله تأتي قصة العذاب. لقد اصبحت حياة أصحاب الرس مليئة بالفجر والخمر والمعازف حتي انهم اتخذوا عيدهم في ذلك يفعلون به ما يشاؤن من خبث. ثم بعث الله إليهم نبيا اسمه حنظله بن صفوان, امرهم بعباده الله وحده, فأعتدوا عليه وقتلوه والقوه في البئر, فجف الماء ويبست الاشجار والزروع بعد قتلهم لنبي الله عذبهم الله بذنبهم كما ورد ذكر ذلك في سورة الفرقان وفي سورة ق ارسلت عليهم ريحا عاصفا دمرتهم واظلهم السحاب الاسود واسقط عليهم النيران لتذيب جلودهم وهلكوا.
رويات اخري عن قصتهم
كثرت الرويات عن قصة أصحاب الرس وقصة ذكرهم في القرآن. قيل أنهم قرية من قري ثمود وهم أيضا قوم البئر بأنطاكية أُهلكوا بقتل نبيهم فهلكوا ويقول قتادة انهم بعث اليهم شعيبا دعاهم اللي الله. لكن القوم كذبوا شعيب أقيمت عليهم الحجه وخسف الله تعالى بهم الارض.
في النهاية تبقي قصة أصحاب الرس من القصص كثر عنها الرويات لكن القرآن الكريم انزل حكمه فيهم عصوا واستحقوا العذاب من الله مثلهم مثل أصحاب الأيكة المذكورون في سياق الآية وَعَاداً وثمود وَقُرُونًا كثيرا هلكوا بظلم انفسهم كما ذكر في سورة الفرقان. تلك هي قصة أصحابُ الرس.
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله النبي الامي الخاتم وعلي آله وصحبه وسلم.