قصة أصحاب الأخدود, احدي قصص القرآن الكريم التي ذكرت في سورة البروج وسردها الامام مسلم في صحيحه بشكل مفصل. تروي احداث عظيمة فيمن قبلكم هدفها أخذ العبرة والعظة تتحدث عن لمحات لقوم عذبهم طاغية في الأرض وقتلهم. روي لنا رسول الله قصتهم كاملة كما جاء في السنة النبوية. ما هي قصة أصحاب الأخدود؟.
متي كانت قصة أصحاب الأخدود؟
اختلف المحدثين والرواه حول زمن قصة أصحاب الأخدود قال البعض انهم جاوء بعد ميلاد المسيح واختلف اخرون في انهم جاءوا قبل الميلاد. في رواية النبي صلى الله عليه وسلم روي لنا قصتهم وهي تروي كالاتي:
قصة الملك والساحر
تبدأ قصة أصحاب الأخدود بسبب ملك ظالم ادعي الألوهية في الفترة التي تلي رفع المسيح بن مريم. كَان للملك ساحر يعينه في بعض الاعمال, فلما كبر الساحر وتقدم في العمر تحدث الي ملكه قائلا: قد كبرت وتقدم بي العمر ودني الأجل. طلب منه غلام يعلمه السحر يكون له بعد موته. فاحضر للساحر غلاما كما طلب منه. وكان في طريق الي الساحر صومعه راهب علي دين نبي الله عيسى عليه السلام.
اتي ذلك الفتي علي الراهب فسمع مايقوله فاعجب بكلامه. فكان اذا غاب يضربه الساحر مره واذا رجع يضربه اهله لتاخيره.
فذهب الغلام الي الراهب يشكوه ذلك فقال له الراهب: اذا ذهبت الي الساحر فاخبره بان اهلك منعوك, واذا رجعت لاهلك اخبرهم بان السبب في ذلك الساحر.
كيف بدأت قصة أصحاب الاخدود
وفي يوم من الأيام جاءت دابة عظيمة منعت الناس فلم يستطيعوا المرور فقال الغلام: اليوم سوف اعرف ايهما احب الي الله شأن الساحر ام شأن الراهب.
التقط الغلام حجرا, وقال: اللهم إنّ كان شأن الراهب احب وأرضي اليك من الساحر, فلتقتل هذه الدابة كي يستطيع الناس العبور, فرماها فارداها قتيله.
أخبر الراهب بالامر فقال له: بني سيكون لك شأن عظيم وسيجئ يوما تبتلي فيه, فإن كان فلا تدل علي. فكان هذه الغلام له ميزات عدة ومواهب اعطاها الله له فكان يبرئ الأكمه والأبرص, ويشفي المرضي بإذن الله.
قصة الغلام والرجل الاعمي
كان يوجد شخص قريب من الملك اصيب بالعمي, سمع بشأن الغلام فبعث اليه الهديا, وطلب منه الشفاء وقال له اشفني.
فرد عليه انا لا اشفي أحد انما يفعل ذلك الله عز وجل, آمن به ولسوف ادعوه فيشفيك. فآمن بالله ودعا له وشفي بإذن الله. بعدها اخذ الرجل مكانه بجوار الملك الظالم كما هو العادة فقال له الملك يا هذا من رد عليك بصرك؟
فرد الرجل: ربي.
رد الحاكم: انا من فعل ذلك.
فقال الرجل: لا بل ربي وربك الله.
فرد الملك في غضب: اولك ربا غيري؟
قال: نعم, ربنا الله فما كان من الملك الا ان عذب ذلك الرجل حتي دله علي الغلام وجاء به اليه فقال له بلغني ان سحرك يبرئ الاكمه والابرص وغيرها من الادواء.
رد عليه: ما انا انما يكون باذن الله.
فسأل مثل ما فعل مع الرجل الاول اولك ربي غيري؟
رد الغلام عليه ربي وربك الله. فعذبه كثيرا حتي جعله يخبر عن الراهب فاتي بهم جميعا فقال الملك الظالم للراهب: ارجع عما انته عليه ارجع لدينك, فرفض الراهب فقتله الملك بمنشار فرق به رأسه نصفين.
فجاء بالرجل الاعمي فقال له: ارجع عن دينك فأبي ففعل به ما فعل بالراهب.
الملك الظالم يحاول قتل الغلام
جاء بالغلام وقال له: ارجع عن دينك فرفض الغلام ذلك فأمر به الملك نفر من عنده خذوه الي جبل كذا وكذا واذا بلغتم قمته ان لم يرجع عن دينه فالقوه من فوقه. فذهبوا بالغلام حتي بلغوا قمة الجبل وهنا دعا الغلام ربه قائلا: اللهم اكفنيهم بما شئت, فاهتز بهم الجبل وهلكوا.
رجع الغلام الي الملك الذي قال له: ماذا فعل اصحابك؟
قال: كفانيهم الله.
فارسل به مع نفر حتي اذا لججوا البحر, ان رجع عن دينه والا فليقوه في البحر كي يغرق فذهبوا به فدعي الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت وغرقت السفينة. رجع الغلام الي الملك ودخل عليه وقال له: مافعل اصحابك؟ رد الغلام كفانيهم الله.
كيف قتل الملك الغلام
قال الغلام لن تستطيع قتلي ما فعلت الا بما اقوله لك فإن فعلت قتلتني, وإلا فلن تستطيع ذلك ابدا.
قال له الملك: وكيف ذلك؟
فقال الغلام: تجمع الناس جميعا, ثم تقوم بصلبي علي احدي جذوع النخل, وترميني بسهم من كنانتي, وتقول قبل ان ترمي السهم بسم الله رب الغلام, حينها فقط تستطيع قتلي. ففعل الملك كما امره به الغلام جمع الناس ورماه بسهم بعد ذكر اسم الله فاستقر السهم في صدغ الغلام ومات.
مقتل أصحاب الأخدود
كانت غاية الغلام هي أن يؤمن الناس بالله وإن كان ثمن ذلك حياته. كان شرط مقتله هو ذكر اسم الله علي مسمع ومرئ من الناس. فقال الناس مرددين: آمنا برب الغلام, آمنا برب الغلام. هنا وقع ما كان يحذر منه الملك, آمن الناس جميعا. أمر ذلك الملك المتجبر وحفر كلّ الطرق بالأخاديد ووضع فيها الوقود واشعل النيران بها. وقال لجنوده من رجع عن هذا الدين فاتركوه, والا فالقوه في النار.
فكانوا أصحاب الأخدود يحاولون العبور منها ولكنهم كانوا يسقطون ومن بينهم امرأة تحمل صبيًا, خافت ان تقع في النار فنطق ابنها وقال لها: اصبري, أنه الحق المبين.
قال الله سبحانه وتعالى{ والسماء ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الموعود * وشاهد ومشهود *قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}(سورة البروج الاية 1-10)
روايات اخري للقصة والعبرة منها
هذه الرواية وردت عن الإمام مسلم في صحيحه وهي تختلف عن سياق القصة التي قصها الامام أحمد في مسنده كما يروي بن كثير عن قصة أصحاب الأخدود وتلك التي وقعت في منطقة نجران كان يحكمها ملك يدّعي ذو نواس وكانت تلك بعد مبعث سيدنا عيسي بن مريم وقيل ان غلامًا عرف اسمه الله الاعظم من الراهب واستطاع بهان يشفي ويصنع المعجزات وقيل أن الأخدود الذي ذكر بالقرآن انما هي عدة وفي أكثر من مكان وهي ثلاث اخاديد: واحد بالشام, وثاني بالعراق, وثالث باليمن. هذا كما رواه بن ابي حاتم. وقصة اصحاب الاخدود من القصص التي تعلم المسلمون الثبات علي الدين مهما اشتد بهم العذاب كما فعل أصحاب الأخدود بفضل إيمانهم بالله تعالى. اخيرا الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد المرسلين.
المصادر: