الاعجاز البلاغي في قصة موسي عليه السلام

 القران الكريم يحوي كم لا حصر له من المعاني الإعجازية والبلاغية ولما العجب انه كلام خالق الكون حاشاه ان يكون غير ذلك. كلما تدبرت القرآن وجدت لذة وحلاوة فيه وازددت يقينا بما يأتي به فلكل كلمة موضع لا يمكن تبديل كلمة مكان اخري قد تظنها بنفس المعنى. 

القرآن يفسر بعضه بعض. خاصة وان تعرضنا للقصص الوارد فيه ومن اكثر القصص المذكورة القصص الوارد عن بني اسرائيل. لا يختلف اثنين أن اشهر نبي ورد ذكره في القرآن لبني اسرائيل موسي عليه السلام كليم الله. 

تعددت في القصة الكلمات البيانية وهي تخص عصا موسي عليه السلام وانها تحولت الي ثلاث مراحل في سياق القصة.


الاعجاز البلاغي في قصة موسي عليه السلام

الإعجاز البلاغي في كلمة حيــة و ثعبــان

نعلم جميعا قصة نبي الله موسي وكيف القته امه في البحر بوحي من الله واتخذته إمرات فرعون ابنا لها ثم رده الله لأمه ثانية كي تقر عينها. كبر وترعرع موسي, واصبح شابا الي أن هرب من المدينة خشية القتل بعد أن قتل نفس. 

خرج إلى أهل مدين  وتزوج هناك وهو في عودته بدأت قصة الوحي لديه. اُمر موسى عليه السلام بأن يلقي عصاه ثلاث مرات وفي كلمه مره تحولت لشيء أدى غرضه وبكلمات مناسبة لهذا الغرض نجدها الثلاث مرات وهما:

  1. عندما مر موسي بأهله ليلا ورأي نارا فأمر اهله ان ينتظروا ليري ما بهذه النار ويستأنس بها هنا ناداه الله وبعد حوار مع الله أمره أن يلقي عصاه.
  2. بعد تكليف الله لموسي بالرسالة وأمره بالذهاب الي فرعون ويبلغه رسالته من الله. بعد  حوار مع موسي وفرعون القي موسي عصاه امام فرعون دون وجود السحره بيان له ليؤمن.
  3. المرة الثالثة التي القي فيها موسى العصا هي يوم الزينة الذي اجتمع فيه السحرة بأمر من فرعون ليكيدوا موسي ويتغلبوا عليه بسحرهم.

تلك ثلاث مواقف ألقي فيها موسي عليه السلام العصا وفي كل مرة اختلفت الكلمات هل هو تناقض عشوائي اما كما سبق أنه استخدام الكلمات في مواضعها الصحيحة. 

ذلك هو الإعجاز البياني من إله عظيم ما فرط في الكتاب من شئ. لنوضح كل موقف علي حده وننظر كيف يكون الإعجاز البياني وكيف ستشعر بعظمة هذا القرآن.

الشاهد الأول رمي العصا

كما سبق الذكر بعد عودة كليم الله إلى مصر وبالتحديد في طريق عودته وجد نارا فأتي النار فكلمه الله وقال له اني انا الله. 
سأله الله عن العصا التي بيده وهو بها اعلم فذكر موسي منافعها, فأمره الله بان يلقها فألقاها موسي فتحولت الي (حية) حقيقة تسعي في الارض.  

خاف موسى منها فطمأنه الله وقال له لا تخف يا موسى تلك معجزة أيدتك بها أمام فرعون, خذها من الأرض ستكون عصي باذن الله حال ما تمسكها كما ورد ذكر ذلك يقول العليم القدير.

{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ۝ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ۝ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى۝ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ۝ قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}. [سورة طه:17-21].

الشاهد الثاني امام فرعون

كٌلف موسى بالرسالة واٌمر ان يذهب الى فرعون يبلغه تلك الرسالة ويهديه إلى الله يعلمه بانه لا اله الا الله. ذهب موسي الي فرعون عرض عليه الامر لكن فرعون ماطل وطلب الدليل الملموس علي مدي صحة ما يقول فالقي موسي عليه السلام عصاه فتحولت الي ثعبان عظيم. الامر الذي ترك رهبه في صدر فرعون وجعله يدرك ان ذلك ليس بالسحر لكن فرعون اراد ينتصر اما قومه فاتهمه بالسحر.


{قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ۝  قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ۝  قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ۝  فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ۝ }(الشعراء 29-32).

الشاهد الثالث يوم الزينة

بعدما دعا موسى فرعون إلى الإيمان برب العالمين اعرض فرعون وهدد موسى بالسجن واتهموه بالسحر والجنون فعزم فرعون علي ان يكون هو المنتصر فحدد موعد ظنا منا انه سيغلب موسي كهنته وسحرته.

جمع الناس يوم الزينة سحرة فرعون من جانب وموسي من الجانب الآخر القي السحرة حبالهم وعصيهم وسحروا اعين الناس فخيل للناس ان الحبال والعصي تمشي. 

جاء دور موسي فالقي عصاه فاذا العصا تبتلع الحبال والعصي وما كان من السحرة الا ان القوا ساجدين مؤمنين بموسي والله رب العالمين فما الا غضب من فرعون.

﴿ ۞ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾ [ الأعراف: 117]. 

تلك مواقف تلاث القي موسي فيهم العصا لنتأمل:

الموقف الأول ذكر فيه كلمة حيـــة حينما كان بالواد المقدس تبدلت العصا الي حيـــة وهي الصغير من الأفاعي وكان هذا المناسب لموسى عليه السلام مناسب للموقف فالهدف من هذا هو ان يشهد موسى معجزة ولا ان يتم اخافته لذا تحولت العصا إلى حية صغيرة.

الموقف الثاني امام فرعون تحولت العصا إلى ثعبان مبين وفي اللغة العربية الثعبان هو العظيم من الأفاعي فكان في المشهد هو ارهاب فرعون وتهديده لذا جاءت كلمة ثعبان كخير معني للموقف. 

الموقف الثالث فكان امام السحرة فرب العالمين لم يذكر أي تحول للعصا لحية او لثعبان إنما ذكر العصا وهي تلتهم حبالهم وعصيهم مباشرة دون ان تتحول. 

فالهدف من ذلك هو ان لا يخاف الناس من الحية او الثعبان انما يزيد يقينهم بأن الحبال والعصي هي السحر والعصا الحقيقة هي التي تأكل السحر. 

لذا أمن الناس و أيقن السحرة أن هذا ليس بالسحر انما من صنع قدير الاعجاز البلاغي في كلمة حيــة و ثعبــان قصة موسى عليه السلام.

هذا هو الاعجاز البياني والبلاغي في القران وانا الله تعالي يذكر كل كلمة في موضوعها ذلك يزد من اليقين ان القران منزل من رب العالمين والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد الخلق والمرسلين.
google-playkhamsatmostaqltradent