في رواية البخاري عن قصة رواها رسول الله لصحابته الكرام عقب الصلاة في مجلسهم امام معلمهم وهاديهم خاتم الانبياء. ينتهلون منه النور والعلم، بقلوب مفعمة بالتقديروالاحسان, يسألونه: يا نبي الله حدثتَنا عن إبراهيم عليه السلام يوم يطلب منه الشفاعة ويقول: نفسي، نفسي اذهبوا إلى موسى. لماذا يقول ذلك؟ وهل يكذب نبي؟!
نظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتهللت اساريره اطمن الصحابة لابتسامته فاقبلوا عليه يقص لهم.
كذبات ابراهيم عليه السلام
فقال صلى الله عليه وسلم: كذب إبراهيم ثلاثا (في عرف الأنبياء) أن كل شئ مسئولون عنه بشكل مختلف عن باقي الخلق اذا انهم هم القدوة.
الكذبة الأولى لسيدنا إبراهيم
عرف قوم سيدنا ابراهيم بالتنجيم، فابصر واحدا قد بزغ، فاصبح يتطلعه متأملاً عظمة الخالق. جاءه القوم يسالونه الاحتفال معهم فبيّت سيدنا إبراهيم في ذاته أمراً عزم علي أن يفعله، فعصب رأسه وقــال لهم: إني مطعون (اصبت بالطاعون). فتولوا عنه مدبرين خوفاً أن يعديهم كانت هذه الكذبة الاولي.
الكذبة الثانية للخليل إبراهيم عليه السلام
سأل الصحابة الكرام: وما الشأن الذي عزم إبراهيم عليه السلام أن يفعله حين يخلو بنفسه؟
فذكر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: إنه عزم أن يحطم الأصنام التي يعبدونها ليفيقوا من غفلتهم. سأل الصحابة: وهل تصرف ما قرره ؟!
قــال صلى الله عليه وسلم: في حين غياب كهنتهم احتفالا بمولد النجم ومعهم الناس مال ابراهيم الي اصنامهم دون ان يشعروا فوجد طعاماً امام الاصنام فقال لها هازئاً بها: ذلك الغذاء أمامك، فيه ما لذ وطاب، كليه! مدي أيديك إليه.
فراغ اليهم ضربا ودمرهم جميعا الا كبيرهم وضع علي كتفه الفأس فتنه لقومه.
وجاء القوم، ويا لَهولِ ما رأوا تلك الآلهة صارت شَذَر مذَر. من فعل ذلك بالهتنا من يجرؤ علي ذلك؟
ذكر بعضهم: هناك فتى اسمه إبراهيم، إنه دائما ما يذكر الهتنا بالشر نظنه هو من فعل ذلك.
وجيء بإبراهيم، فأوقفوه موقف المدعى عليه، وسألوه في في جمع غفير من الناس:
{قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ} (62).
وهنا تفوّه بالكذبة الثانية فقال لهم:{قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} (63).
لقد غضب هذا الاله ان يعبد معه تلك الالهه الصغيرة فاستغل غيابكم ودمرهم جميعا وها هو امامكم اسالوه. استطاع الخليل بتلك الكلمات ان يهز قلوبهم وينفض عنها ركام الكفر والجهل ثم قالوا لانفسهم: لقد ظلمتم إبراهيم حين اتهمتموه، تلك آلهتكم أمامكم فاسألوها، اوَ لستم تعبدونها وتقدّسونها ؟ ففيها حياة إذن.
كان من البدهي أن يعد اليهم رشدهم، ويعرفوا أن تلك الأصنام لاتنفع ولا تضر وانهم هم السادة عليهم.
ثم قالوا والجحود والضلال رفضوا ازالته من قلوبهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون
انك قلت هذا لتحرك الناس ضدنا. واصل صوت إبراهيم مدوّياً:
{قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْـًٔا وَلَا يَضُرُّكُمْ}. ثم أفصح أن العبادة الحقة لله وحده ، فقال : {أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (67).